“لعلّ خبرة عملية كانت قد تراكمت في سنين مضت في الجامعة الأردنية، وقد ولّدت مجموعة من الخبرات المتراكبة في تعليم اللغة العربية بوصفها لغة ثانية للزميل الدكتور خالد أبو عمشة ولي شخصيًا، وقتَ أن كنّا معروفين بتخصصنا تدريس مهارة المحادثة تدريسًا نمذجيًّا مشتركًا (التدريس المشترك)، فقد وضعنا منهجية عمل ثنايئة الإجراءات والخطوات، تعتمد على مجموعة من الأسس، التي يمكن القول فيها: إنّ مركز اللغات في الجامعة الأردنية كان قد تبنّاها، وجعلها منهجية قويمة، لذلك، كنّا نشاهد الرّضا التام والبالغ على وجوه طلبتنا الملتحقين بشعبة العربية للناطقين بغيرها" ا.هـ الأستاذ محمود ربايعة – جامعة القدس المفتوحة
أحببت أن أبدأ هذه المقالة بتصدير الاقتباس الأثير إلى قلبي من مقالة لصديقي وأخي الدكتور محمود الربايعة، للتدليل والإشارة لتلك الخبرة التي تكونت لدينا في هذا النوع من التدريس، وقد كتب هذا الكلام زميلي العزيز منذ أكثر من عقدين من الزمان ونشرها حول هذا النوع من التدريس، وقد عركتنا التجارب والأيام، وذهبنا إلى ما قد صرنا إليه، فها أنذا كما تعلمون، وهو يعمليعمل حاليًا في جامعة القدس المفتوحة في فلسطين.
وأعود فأقول: يعد كتاب Interactions: Collaboration Skills for School Professionals لـ Marilyn Friend and Lynne Cook من أفضل الكتب التي اهتمت باستراتيجية التعليم المشترك، وقد عرّف كل من(, 2016Cookand Friend) التعليم المشترك بقولهما: إنه إطار صُمّم من أجل تلبية الاحتياجات التعليمية للطلاب مع خيارات تعليمية متنوعة بحيث يتشاركان في التخطيط والتنظيم والتدريس والتقييم لعملية التدريس في المكان نفسه. وأضافا بأن التعليم المشترك يتضمن اثنين أو أكثر من المعلمين الذين يتفقان على تبادل المسؤولية التعليمية لمجموعة واحدة من الطلاب بشكل أساسي في فصل واحد أو مساحة عمل لمحتوى أو أهداف محددة ذات ملكية مشتركة وموارد مجمعة ومسؤولية مشتركة.
ومن تعريفاته أيضًا أن يشترك معلمان أو أكثر في تخطيط وتصميم وتنفيذ العملية التعليمية في الوقت ذاته مستخدمين المادة نفسها تحقيقًالأهداف محددة. ويمكن أن نستخلص من ذلك أن هذا النوع من التعليم يقوم على المبادئ الآتية:
- التعاون.
- التخطيط والتصميم المشترك.
- التدريس المشترك.
- المادة الواحدة.
- الهدف الواحد.
وقد وضع (, 2016Cook,Friend) ست استراتيجيات للتعليم المشترك أضحت أساس كل مقالة أو كتاب حول التعليم المشترك، وهي على النحو الآتي:
1- معلِّم يُدرس ومعلم يراقب/ يلاحظ:
توفّر هذه الاستراتيجية فرصة العمل المشترك بين التدريس والملاحظة التي يمكن الاتفاق بين المدرسين على كيفيتها أو طبيعتها لكنها استراتيجية توفر معلومات قيمة عن أداء كل متعلم، وذلك بوجودمعلم وظيفته رصد الاستجابات ومراقبة الأداء اللغوي من أجل إعادة تصميم التعليم بالتركيز على ما يحتاجه كل فرد من أعضاء الفصل. علمًا بأنه يمكن تبادل هذه العملية من أجل تعظيم الفائدة من هذه الاستراتيجية وشخصنة الملاحظات ذاتها بين الاثنين.
2- معلِّم يُدرّس، ومعلّم يساعِد:
في ظل التدريس المعاصر المستند إلى العمل الثنائي والمجموعات والتدريس القائم على المهمات والتدريس المستند إلى الدارس عمومًا توفر هذه الاستراتيجية فرصة عظيمة للمجموعات في وجود معلم يدرس وآخر يمر على المجموعات لتوفير الدعم اللوجستي واللغوي والتغذية الراجعة.
3- التدريس المتوازي:
توفر استراتيجية التعليم المتوازي في ظل وجود مدرسين اثنين فرصة كبيرة لتعظيم حجم المكتسبات اللغوية في ضوء توفر عدد أقل في المجموعة وبالتالي فرص أكبر للمشاركة، وتقوم هذه الاستراتيجية على تقسيم الفصل إلى مجموعاتإذ يقدم كل معلم المادة اللغوية ذاتها مما يتيح فرص أكبر لكل مجموعة في التواصل مع المدرس.
4- تدريس المحطات:
تقوم فكرة هذه الاستراتيجية على الفروق الفردية إذ يقوم المدرسان بتقسيم الطلاب إلى مجموعات أو محطات مختلفة بمواد تعليمية مختلفة كذلك الحال، متنقلين من مجموعة إلى أخرى، إذ تكون كل مجموعة تعمل على مهمة ما في الوقت الذي ينتقل فيه المعلم إلى مجموعة أخرى.
5- التدريس البديل:
غالبًا ما يكون في كل فصل دراسي من يحتاج إلى رعاية خاصة أو اهتمام أكبر من الآخرين لحاجات خاصة في ذلك المتعلم، وبالتالي توفر هذه الاستراتيجية فرصة أن يقوم أحد المعلمين بتدريس معظم الفصل في حين يركز المعلم الثاني على تلك المجموعة الضعيفة أو تلك التي تحتاج إلى متابعة وتركيز شديدين. وبالتالي يكون شكل الفصل في هذه الاستراتيجية مجموعة كبيرة ومجموعة صغيرة.
6- تدريس الفريق:
في استراتيجية تعليم الفريق يقوم المعلمان بتقديم المادة التعليمية نفسها في الوقت ذاته، وكأنهما يملكان عقلاً واحدًا في جسدين اثنين، ويطلق عليها آخرون بالتعليم الثنائي أو تعليم الفريق، وآخرون يطلقون عليه بالتعليم التناوبي كما هو الحال في تبادل تقديم الأخبار لما يكون هناك مقدمان أي لا يتحدثان معاً في الوقت ذاته بل بالتناوب بحسب ترتيب معين يرتضيانه مسبقًا. ولعل هذه الاستراتيجية من أعقد ما مر بنا ولكنها فعالة نحتاج إلى تخطيط وتنفيذ دقيق.
والآن أعرض هذا الجدول التفصيليلهذهالاستراتيجية وفيه أنسب مواطن استخدامها:
الاستراتيجية |
Explore |
دور المتعلم |
معلِّم يُدرس ومعلم يراقب/ يلاحظ |
- في حال وجود معلم جديد. - استثمار خبرة الأساتذة الخبراء. |
- لدى توارد عدد كبير من الأسئلة. - لتشييك تطور الدارسين. |
معلِّم يُدرّس، ومعلّم يساعِد |
- عندما يناسب الدرس معلمًا واحدًا. - إذا امتلك أحد المدرسين زمام المادة بشكل أفضل من الآخر. - فرصة لتخفيف الضغط عن المدرس الجديد أو الذي يشعر بضغط. |
الطلبة الذين يحتاجون إلى مساعدة. - ذوو الاحتياجات الخاصة. |
التدريس المتوازي |
- تعزيز الدافعية والحماس لدى المدرسين خاصة الجدد. - تبادل الخبرات بين المدرسين. |
- إذا يوجد طلبة ضعاف في الصف. - لتعزيز إشراكية الطلبة في المناقشة. - في تنفيذ النشاطات الجماعية. |
تدريس المحطات |
- إذا كان المحتوى معقدًا وغير متسلسل. - توزيع المسؤولية بالتساوي. |
- في مراجعة بعض الدروس. - لدى تعدد المهمام والتعليمات. |
التدريس البديل |
- توزيع المهام بحسب المهارات. - تنويع العمل بين المتساوين لغويًا والأعلى والأدنى مستوى. |
- إذا كان لا بد من تدريس مواد بعينها لبعض الطلاب. - عندما يكون لدينا مجموعة ذات فروق جوهرية واضحة. - لدى اختلاف اكتساب المفاهيم بشكل فارقي واضح. |
تدريس الفريق |
- تناسب المدرسين ذوي الخبرات الطويلة. |
- في الدروس التي يغلب عليها المحادثة والتفاعل. |
معايير اختيار الاستراتيجية المناسبة:
- خصائص المتعلمين وحاجاتهم.
- خصائص المعلّمين وسماتهم.
- المحتوى وطبيعته.
- طبيعة البرنامج اللغوي وفلسفته.
مزايا التعليم المشترك
ذكر (Ferguson, Desjarlais, & Meyer, 2000)مجموعة من الفوائد لاستراتيجية التعليم المشارك، يمكن أن أجملها فيما يلي:
- تفريد التعليم؛ توفير ما يحتاجه كل شخص من حاجات.
- يوفر المزيد من الفرص للتفاعل الفردي بين الطلاب والمعلمين؛ مما يؤدي إلى علاقات أقوى.
- يستطيع الطلاب ذوو الإعاقة الوصول إلى مناهج التعليم العام وفقًا لما يقتضيه القانون، الذي يشمل مجتمع الفصل والأنشطة التي لم يشاركوا فيها.
- توافر فرص التدريس المتخصص عند الحاجة.
- يمكن لجميع الطلاب الاستفادة من الدعم الإضافي والموارد والتنوع الصفي
- زيادة الاستقلالية للطلاب ذوي الإعاقة.
- دروس أقوى وأكثر إبداعًا بسبب مشاركة معلمين اثنين في عملية التخطيط مع بعضهم بعضًا.
- يمكن للمدرسين دعم بعضهم بعضًا من خلال تكامل نقاط القوة والضعف لدى بعضهم بعضًا، وبناء صداقة حميمة، وتقسيم عبء العمل في الفصل الدراسي.
متطلبات التدريس المشترك
- توافر بيئة مناسبة.
- رغبة مشتركة من قبل فريق التدريس المشترك.
- اطلاع فريق التدريس المشترك على الأهداف والمنهج والتوقعات بشكل واضح وجلي.
- التخطيط والتصميم والتنفيذ.
- توافر وقت مشارك لفريق التدريس المشترك لمتابعة ما يستجدفي أنثاء التدريس.
- التأمل والتقييم والتقويم.
خطة لدرس بحسب استراتيجية التدريس المشترك
وهذا نموذج لخطة درسية وفق هذه الاستراتيجية تم تبنيها من أعمال Lynne Cook and Marilyn Friend (1995).
الاستراتيجية |
المطلوب |
معلِّم يُدرس ومعلم يراقب/ يلاحظ |
يتفق المعلمان من سيقوم بالتدريس (بتطبيق استراتيجية التدريس المناسبة) بينما يقوم الآخر بجمع معلومات مراقبة محددة حول الطلاب. ومفتاح نجاح هذه الاستراتيجية هو أن يلاحظ المعلم الذي يقوم بالملاحظة سلوكيات معينة. أمثلة: أنواع محددة من الأسئلة التي يتم طرحها من خلال توجيه المعلم؛ حركة المعلم، مشاركة الطلاب؛ سلوكيات محددة في تنفيذ المهمة؛ التفاعلات الصفية والنصيحة هنا عند المراقبة هي جمع البيانات / الأدلة، وتجدر الإشارة إلى أن الملاحظة لا تعني إصدار أحكام، ولكن لتوفير بيانات حول ما يحدث في الفصل الدراسي للتخطيط للدروس المستقبلية. |
معلِّم يُدرّس، ومعلّم يساعِد |
بعد تحديد موضوع تدريس اليوم، يقوم أحد المعلمين بمسؤولية التدريس، بينما يقوم الآخر بمساعدة الطلاب في عملهم أو مراقبة السلوكيات أو تصحيح المهام. ويمكن أن يقوم المعلم المساعد بطرح أسئلة توضيحية أو تقديم أمثلة إضافية أو يكون صوت الطلاب الذين لا يفهمون أو يترددون في المشاركة. |
التدريس المتوازي |
يقسّم الصف إلى مجموعتين، وكل معلم يرشد نصف الطلاب. يعالج المعلمان نفس المادة التعليمية، ويعرضان المادة باستخدام نفس استراتيجية التدريس. أكبر فائدة لهذا النهج هو تخفيض نسبة الطلاب إلى المعلمين.. فمثلا بعد قراءة النص، ينقسم الفصل إلى مجموعتين غير متجانستين حيث يناقشان قائمة الأسئلة من القراءة ويتابع كل معلم مجموعة من المجموعتين. |
تدريس المحطات |
تقسيم المادة التعليمية إلى أجزاء وتقسيم الفصل إلى مجموعات، ثم يقوم المعلمان بالتناوب على المجموعات/ المحطات: واحدة تعمل على الطلاقة مثلاً، وواحدة تعمل على فهم القراءة، وواحدة تعمل على المفردات. |
التدريس البديل |
تتيح هذه الاستراتيجية لأحد المدرسين العمل مع الطلاب في مستوى الصف المتوقع، بينما يعمل المعلم الآخر مع الطلاب الذين يحتاجون إلى مزيد من المعلومات / أو المواد التي يتم تدريسها أو تمديدها أو تصحيحها. |
تدريس الفريق |
تحتاج هذه الاستراتيجية إلى تخطيط مكثف وجيّد، باستخدام استراتيجية التدريس الجماعي، يشارك كلا المدرسين بنشاط في الدرس. من وجهة نظر الطلاب، لا يوجد قائد محدد بوضوح - إذ يشترك المعلمان في التدريس، ويتمتعان بحرية التدخل في المعلومات، وكلاهما متاح لمساعدة الطلاب والإجابة عن الأسئلة. ومثال ذلك يمكن أن تكون مشاركة المدرسين قراءة قصة أو نص حتى يسمع الطلاب الصوتين، ويبدأ الأول بمناقشة الفكرة العامة ثم يطلب الثاني الأفكار الثانوية للنص. |
مصادر ومراجع المقالة
· Ferguson, D., Desjarlais, A., & Meyer, G. (2000). Improving Education: The Promise of Inclusive Schooling [Brochure]. Newton, MA: National Institute for Urban School Improvement.
· Cook, L., & Friend, M. (2004, April 29). Co-teaching: Principles, Practices, and Pragmatics. Participants Guide. Paper presented at New Mexico Public Education Department Quarterly Special Education Meeting, Albuquerque. Santa Fe, NM: New Mexico Public Education Department.
· https://hersheyk12.instructure.com/courses/320/pages/co-teaching-strategies-and-examples
و لمزيد من المعلومات حول الموضوع:
· Two Teachers In The Room blog by Elizabeth Stein
· Need to Know: Successful Co-Teaching , by Wendy Murawski, Ph.D.
· Collaborative Team Teaching: What You Need to Know , by Amanda Morin
· 6 Steps to Successful Co-Teaching , by Natalie Marston
· Collaborative Team Teaching: Challenges and Rewards , by Marisa Kaplan
