مقالات وأبحاث متخصصة في المجال

تطبيقات منحنى النسيان في فصول تعليم العربية للناطقين بغيرها

تطبيقات منحنى النسيان في فصول تعليم العربية للناطقين بغيرها

yazan د. خالد أبو عمشة -
Number of replies: 0


     يعد تعلم اللغة الثانية أو الأجنبية أعقد سلوك لغوي على الإطلاق لذلك فإن تعلم اللغة يحتاج إلى جهد ووقت وجلد مثابرة،وبالضرورةمال!! ولعل أصعب مهمة في عملية الاكتساب هذه تعلم المفردات الجديدة واكتسابها، وكلما كانت عملية تدويرها ناجحة كانت عملية اكتساب اللغة ناجعة. ويستخدم الإنسان في عملية تعلمه هذه الذاكرتين القريبة والبعيدة، وعملية النسيان لا تنفك عنهما أبداً. وهل تعلمون بأن معظم الناس على الأقل 90٪ ينسون ما تعلموه خلال ساعات قليل، وهذا في حد ذاته ليس جيدا ولا سيئا، إنها مجرد طريقة لكيفية عمل أدمغتنا.ولكن لماذا نجد صعوبة بالغة في الاحتفاظ بالمعلومات الجديدة؟ وكيف يمكنك التغلب على ذلك أو تقليصه في فصلك الدراسي، وبمجرد تعلم المعلومات يدخل المرء فورًا في مرحلة نسيانها، ومحاولة التذكر بعد التعلم مباشرة لا تنجح كما هو المتوقع من الكثيرين؛ إذ يتذكر المرء قليلًا مما تعلمه في اليوم التالي للدراسة، ولا يتذكر أكثر من ذلك في الأيام القليلة التالية، ولهذا فستكون محاولة التذكر في اليوم التالي مجرد مضيعة للوقت. ويعد إبينغهاوس أول من تحدث عن هذه الظاهرة ووضع لها ما يُعرف حاليًا بمنحنى النسيان الذي يحمل اسمه،  إذ يقوم على فكرة مفادها انخفاض قدرة الدماغ على الاحتفاظ بالذاكرة بمرور الوقت. وقد وضعه في عام 1885. 

ومنحنى النسيان هو صيغة رياضية تصف معدل نسيان شيء ما بعد تعلمه في البداية. والفكرة عمرها أكثر من 100 عام.، نشأت في أواخر القرن التاسع عشر مع عالم النفس الألماني هيرمان إبينغهاوس، الذي كان من أوائل العلماء الذين أجروا تجارب لفهم كيفية عمل الذاكرة.

وأصل النظرية هي أن البشر يبدؤون في فقدان ذاكرة المعرفة المكتسبة بمرور الوقت، في غضون أيام أو أسابيع، ما لم تتم مراجعة المعرفة المكتسبة بوعي مرارًا وتكرارًا، ومن المفاهيم ذات الصلة بمنحنى النسيان قوة الذاكرة، التي تنص على أن الفترة الزمنية التي يمكن للشخص أن يتذكر فيها أي معلومة تعتمد على قوة الذاكرة المعينة من الذاكرتين القريبة المدى والبعيدة المدى، ولكل منهما آلياتها وطرائق عملها.

أجرى إبينغهاوس سلسلة من الاختبارات على نفسه شملت الحفظ والنسيان لمجموعة كلمات ثلاثية الحروف لا معنى لها، فاحتفظ إبينغهاوس بعبارات مختلفة مثل:

DIF, LAJ, LEQ, MUV, WYC, DAL, SEN, KEP, NUD

ثم اختبر نفسه لمعرفة ما إذا كان يمكنه الاحتفاظ بالمعلومات بعد فترات زمنية مختلفة، وتم رسم النتائج التي تم الحصول عليها بهذه الطريقة في الرسم البياني التالي الذي يشار إليه الآن باسم منحنى النسيان.



معادلة إبينغهاوس في منحنى النسيان

R = e ^ (- t / s)

ووفق هذه الصيغ، فإن:

R هو مقياس لمدى سهولة تذكر شيء ما.

S هو "قوة" ذاكرتك؛tهو مقدار الوقت الذي انقضى.

e هو رقم Euler السحري.

ويؤدي تكرار المعلومات ومراجعتها إلى زيادة قوة الذاكرة، مما يؤدي إلى انخفاض الميل المنحدر لـ R لتصبح أكثر تدريجيًا.

ومما وجده إبينغهاوس أن النسيان أمر طبعي في حياة الإنسان، وأن الإنسان يستطيع الاحتفاظ في الذاكرة بنسبة 100٪ في وقت تعلم أي جزء معين من المعلومات. ومع ذلك، فإنه ينخفض بسرعة إلى 40٪ في غضون الأيام الأولى. وبعد ذلك يتباطأ تراجع الاحتفاظ بالذاكرة مرة أخرى. كما اكتشف إبينغهاوس ظاهرة أخرى تسمى الإفراط في الدراسة خلال دراسته حول منحنى النسيان، والفكرة الأساسية هي أنه إذا كنت تمارس شيئًا أكثر من المطلوب عادةً لحفظه  فسيحدث أثر لذلك، وهذا يعني أن المعلومات التي يتم تخزينها الآن بقوة أكبر فإن تأثيرات نسيان المنحنى بالنسبة للمعلومات المتداخلة تكون أقل. وعليه "فقد وجد أن التكرار المتباعد" هو السبيل الأمثل لعملية الاحتفاظ والتذكر، فلا يجب على المرء تقسيم كمية الدراسة على عدة أوقات مختلفة فحسب، بل يجب عليه إعادة قراءتها من جديد على فترات متباعدة لكي يكررها بشكل متباعد، وهو ما سيسهل عليه عملية حفظها في ذاكرته، وبالتالي عملية تذكرها بحسب هذا الجدول:

 

معدل النسيان

هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على معدل النسيان، منها:

- مغزى المعلومات.

- الطريقة التي يتم تمثيلها بها.

- العناصر الفسيولوجية (الإجهاد، النوم، إلخ).

ومعدل النسيان ليس هو نفسه بين كل الأشخاص. وأشار إبينغهاوس إلى أن اختلاف أداء الذاكرة بين شخصين مختلفين يمكن تفسيره بمهارات التمثيل في الذاكرة.


زيادة قوة الذاكرة

افترض إبينغهاوس أن الاختلاف في قوة الذاكرة بين الأفراد يمكن أن ينتصر إلى حد ما عن طريق التدريب البسيط في تقنيات التذكر. من بين الطرق التي أكد عليها أنه من بين أفضل الطرق لزيادة قوة الذاكرة:

- أفضل تمثيل للذاكرة (على سبيل المثال مع تقنيات التذكر).

- التكرار على أساس الاستدعاء النشط.

ويعتقد إبينغهاوس أن كل تكرار في التعلم يؤدي إلى زيادة الفاصل الزمني عندما يكون التكرار التالي مطلوبًا، واكتشف لاحقًا أن التعلم الأصلي العالي يؤدي أيضًا إلى فقدان أبطأ في الذاكرة. وعلى سبيل المثال، تكرار المعلومات كل يوم في أثناء الامتحانات يقلل من آثار منحنى النسيان. ووفقًا للبحث، يجب تكرار المعلومات خلال الساعات الأربع والعشرين الأولى من التعلم لتقليل معدل فقدان الذاكرة.

ومن الطريف اللافت هناويستحق التنويه إن جميع الذكريات لا تتبع منحنى النسيان حيث يمكن أن يكون هناك العديد من العوامل الأخرى التي تلعب دورا فيها، مثل الضوضاء والعوامل البيئية الأخرى. بسبب تأثيرها على المعلومات التي يتم تذكرها.


تقييم نقدي للفرضية

نحاول هنا مقاربة هذه الفرضية بالنقد والتحليل، وقد وُجد أن أكبر نقاش حول منحنى النسيان يدور حول شكل منحنى النسيان عندما يتعلق الأمر بأحداث بارزة ذات أهمية كبرى. فيقترح بعض الباحثين أن ذكريات أحداث مروعة كالزلازل والفياضانات والأعمال الإرهابية يتم طباعتها في ذاكرتنا بشكل خاص.




 والتغلب على منحنى النسيان هو أكثر من مجرد تكرار خام. يجب أن يكون هناك مسافة بين عمليات التذكر. فهو لا يعمل مثلا على دراسة كلمة جديدة 15 مرة في ساعة واحدة للتغلب على المنحنى. يجب تكرار الكلمة على فترات زمنية متباعدة لكي يتعين على الدماغ إعادة بناء تلك الذاكرة، وتقويتها مثل العضلات. فالتكرار المتباعد ينطبق على الحيوانات الأخرى أيضا. حيث قامت إحدى الدراسات بتدريب النحل على التعرف على ماء السكر من محفزات أخرى أقل إثارة، فتعلم النحل الذي تم تدريبه كل 10 دقائق أفضل بكثير من التي دربت كل 30 ثانية.

تطبيقات منحى النسيان في فصول العربية للناطقين بغيرها

ووفقا لما سبق، كيف لنا أن نستثمر منحنى النسيان في تعليمية اللغة العربية بوصفها لغة هدفًا؟

في الحقيقة يطيب لنا أن نقول:إن هناك العديد من الأفكار التي يمكن تطبيقها في فصول العربية للناطقين بغيرها بناء على منحى النسيان، نبدؤها بطرح نموذج إبينغهاوس للتكرار للتغلب على منحى النسيان.

أولا: مقترح إبينغهاوس للتكرار للتغلب على منحى النسيان



ثانيًا: تطبيقات أخرى:

- التكرار مفيد عندما يتعلق الأمر باستدعاء الذاكرة السريعة/ القريبة، خاصة فيما يتعلق بالاحتفاظ على المدى القصير. لكن كيف نتأكد من الاحتفاظ بالمعلومات على المدى الطويل؟ والمفتاح هنا هو التكرار المتباعد، مما يعني إتاحة بعض الوقت للتنقل بين حلقات التعلم المختلفة، فعلى سبيل المثال، لنفترض أنه قد تم الانتهاء من اكتساب المفردات الجديدة فيفضل أن يتم اختبار الطالب فيها بشكل متكرر متباعد، وتذكروا أن التكرار جيد، ولكن التكرار المتباعد أفضل.

- تطبيقات نظرية الذكاءات المتعددة التي تستند إلى الحواس الخمسة في عملية التعلم: دمج النص بالصور: غالبًا ما يكون من الأسهل تذكر المعلومات التي تم تقديمها بطرق مختلفة، خاصةً إذا كانت الوسائل البصرية يمكن أن تساعد في تنظيم المعلومات. 

- تطبيقات الفصل المدمج: يُعتبر هذا المزيج من الفصل الدراسي والتعلم أو الممارسة الرقمية وسيلة فعالة للغاية لتعزيز المهارات والمعارف الجديدة. 

- أخذ موضوع النسيان لدى الطلبة بعين الاعتبار في عملية تعليم اللغة وتعلمها قبل إلقاء اللوم عليهم جزافاً لعدم اكتسابهم للمعرفة اللغوية.

- التخطيط في التعليم.

- التخطيط في الدراسة وتذكر المعلومات وخاصة المفردات والتراكيب اللغوية.

- الإيمان بأن التذكر عضلة،  مثلها مثل أي عضلة أخرى يمكن تقويتها بالتمارين والممارسة، فإن كانت ذاكرتي غير قوية بما فيه الكفاية، فمعنى ذلك أنني بحاجة إلى تقويتها.

- التذكر مهارة والمهارة يمكن اكتسابها بالممارسة.

- الذاكرة لا يمكن أن تمتلئ إطلاقاً فهي قابلة لتخزين غير متناه من المعلومات بل كلما اكتسب العقل أكثر شحذ بشكل أكبر.

- ضرورة فهم الشيء قبل محاولة حفظه.

- التسجيل الذاتي ثم الاستماع إلى النفس.

- التعلم بالأضداد وبالصور وبالأصوات.

- أفضل طرق لستغلال التكرار: تتمثل أفضل طريقة لمساعدة الدارسين في الاحتفاظ بالمعلومات في تقسيم المادة التعليمية إلى وجبات صغيرة لأن طولها قد يحولها إلى شيء مخيف ومرعب من المعرفة.

- بين كل درس ودرس يفضل الخروج بالعديد من التقييمات أو أسئلة النشاط إذ سيسمح ذلك للمتعلمين بمعالجة المعلومات التي تعلموها للتو والتأمل فيها.

- باستخدام مجموعة متنوعة من أنواع الأسئلة لكل موضوع، ستزيد من الفهم والاحتفاظ بالمعرفة، والتقييمات التي تسمح للدارسين بتطبيق معارفهم الجديدة في سياق عملي مفيدة بشكل خاص، خاصة إذا تم تزويدهم بعد ذلك بتعليقات فورية حول مدى أدائهم الجيد (التغذية الراجعة).

- تفسيرات الدارس للدارس: عندما يشرح الطلاب ما تعلموه لأقرانهم، يتم إعادة تنشيط الذكريات الباهتة وتعزيزها وتوحيدها. لا تؤدي هذه الاستراتيجية إلى زيادة الاكتساب والاحتفاظ فحسب، بل تشجع أيضًا على التعلم النشط .

- تأثير التكرار المتباعد: قد نضطر إلى تغطية موضوع ثم الانتقال إلى موضوعات أخرى كما هو حال فصول الصحافة والسلاسل العادية، حاولوا استعرض الموضوعات الرئيسية طوال العام الدراسي، إذ يُظهر البحث أن أداء الطلاب أكاديميًا يكون أفضل عند منحهم فرصًا متعددة لمراجعة المواد المستفادة من خلال ربطها بالدرس الحالي. على سبيل المثال، يمكن للمعلمين دمج مراجعة سريعة لما تم تغطيته قبل عدة أسابيع في الدروس الجديدة، أو استخدام الواجبات المنزلية لإعادة تعريف الطلاب بالمفاهيم السابقة.

بعض الطرق الفعالة لمحاولة تحسين نسيان الدارسين:

o تعلم كيفية ربط المعلومات الجديدة بالمعرفة القديمة.

o استمر في تنشيط المعلومات في فترات زمنية منتظمة.

o تحميل ألعاب الذاكرة أو اختبار الدماغ: نحن نعيش في عصر يمكن فيه الوصول بسهولة إلى ألعاب تدريب الدماغ المجانية أو برنامج اختبار الذاكرة. لماذا لا تستفيد من هذه الأدوات وتستخدمها لصالحك الأكاديمي؟ بتحويل عملية نقل المعلومات إلى نشاط جذاب، هناك فرصة أكبر لتذكر كل شيء.

نعم، إن النسيان يبدأ بمجرد أن يحدث التعلم - كما توصلت إليه تجارب Ebbinghaus،لكن كذلك فقد أظهرت الأبحاث كذلك أن هناك استراتيجيات بسيطة وفعالة تساعد في جعل أثر التعلم باقياً.


المراجع


:استفدت في إعداد هذه المقالة من الكتب التالية

- Ebbinghaus, Hermann (1885). Memory: A Contribution to Experimental Psychology (1913) (Linked Table of Contents), Amazon.com Services LLC.

- Ebbinghaus, Hermann (1908). Psychology: An Elementary Textbook, Hard Head Publications.

- Introduction to Memory. by Robert H. Wozniak

- https://www.growthengineering.co.uk/what-is-the-forgetting-curve/

- https://sidsavara.com/the-ebbinghaus-curve-of-forgetting/