بعيدًا عن الآمال والطموحات والنوايا الطيبة لمعلمي العربية للناطقين بغيرها تلك التي يبغون بكل تأكيد-عن حسن نية أكيدة- تحقيقها في بلوغ طلابهم مستويات عالية في الكفاءة اللغوية في أقل وقت ممكن!! بما يحقق تقدُّمًا ملموسًا ومُرضيًا لهم، ونجاحًا منشودًا لطلابهم في مسار تعلُّم العربية كلغة أجنبية أو ثانية، تجدر الإشارة أولاً إلى أن هناك مجموعة من المعايير تؤدي دوراً حاسماً في بلوغ الكفاءة اللغوية لمستوى معين، منها:
العمر.
المدرس.
الدارس.
المنهج.
الوقت داخل الفصل.
الوقت الانغماسي الخارجي
......إلخ.
وأرى لزامًا علينا قبل أن نخوض في تفاصيل عدد الساعات اللغوية التي يحتاجها متعلمو اللغة العربية،أن نتوقف قليلاً عند تعريف الكفاءة اللغوية ومستوياتها الواقعية.
تعرّف الكفاءة "بمقدرة شخص ما على إجادة استخدام اللغة تلقائياً بفعالية في سياق أغراض العالم الحقيقي"، وهي كذلك "مقياس لدرجة إتقان أو إجادة شخص ما للغة ما"، وتقاس اللغة بمهاراتها الاستقبالية والإنتاجية معاً، ناهيك عن القواعد: النحو والصرف والمفردات والتداوليات وغيرها من المسائل التي تعكس المقدرة اللغوية. وحريٌّ أن مجالات قياس الكفاءة أربع مهارات: الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة، وأشهر مرجعيات قياس الكفاءة المعتبرة والمقننة على مستوى العالم، هي:
- معايير ILR
- معايير المجلس الأمريكي ACTFL
- الإطار المرجعي الأوربي CEFR
ولنأخذ جولة سريعة في رحاب ما يقوله العلم والعلماء التربويون وفرسان هذا المجال المُعتبرون-مجال تعليم اللغات الثانية- حول عدد الساعات التي يُتوقع أن يحتاجها المتعلم في اكتساب اللغات عموماً والعربية خصوصاً ضمن علوم:اكتساب اللغة الثانية ونظرياتها، واللسانيات التطبيقية، وتعليم اللغات الأجنبية وتعلمها. وذلك حتى نبتعد عن الآراء الشخصية المجردة، والتجارب الفردية الجامحة غير المقننة، وبخاصة تلك التي لا يمكن أن تعكس بصدق واقع تعليم اللغة فضلًا عن تعميم ما يصدر عن أهلها من معلومات لا أقول مضللة بل سأقول مُتحفِّظًا إنها غير دقيقة، ولهذا فمثل تلكم الآراء دائمًاتبقى ضمن دائرة التجارب الذاتية غير قابلة التعميم لسببين اثنين: الأول أنها غالبًا ما تكون صادرة عن تجارب شخصية على عدد قليل جداً من الدارسين. والثاني أنها لم تعمم لكي يشار إلى اعتبارها وتطبيقها في أكثر من مؤسسة تعليمية بوصفها تجارب معيارية ذات نتائج ميدانية ملموسة ومُمَعْيرة.
ولنا في النظر إلى التجارب العالمية حكمةً ومثالًا، وها هي حصيلة عشرات السنين من البحث العلمي الرصين حول عدد الساعات التدريسية لبعض لغات العالم، ومنها العربية.
عدد الساعات الإرشادية المتوقعة لبلوغ المستويات اللغوية للإطار المرجعي الأوروبي المشترك بحسب "كامبريج لتقييم اللغة الإنجليزية:
المستوى |
عدد الساعات المتوقع |
A2 |
180 إلى 200 ساعة |
B1 |
350 إلى 400 ساعة |
B2 |
500 إلى 600 ساعة |
C1 |
700 إلى 800 ساعة |
C2 |
1000 إلى 1200 ساعة |
وانظروا لمزيد من المعلومات الموقع الآتي: https://support.cambridgeenglish.org
وبحسب دراسة قامت بها جامعة كامبريج لعدد الساعات التي يحتاجها كل مستوى لبلوغ مستويات الإطار المرجعي الأوربي، فقد جاءت كما يلي:
المستوى |
عدد الساعات التي درسها الطلبة |
A1 |
90 – 100 ساعة |
A2 |
100 – 150 ساعة |
B1 |
160 – 240 ساعة |
B2 |
180 – 260 ساعة |
C1 |
200 – 300 ساعة |
C2 |
300 – 400 ساعة |
المجموع |
1040 – 1440 ساعة |
وانظروا كذلك: https://www.cambridge.org/elt/blog/wp-content/uploads/2018/10/How-long-does-it-take-to-learn-a-foreign-language.pdf
أما عدد الساعات الإرشادية المتوقعة لبلوغ المستويات اللغوية لمستويات معايير المجلس الأمريكي للغات الأوروبية ضمن المجموعة الأولى:
المستوى الأدنى بلوغه |
المستوى المتوسط بلوغه |
المستوى الأفضل بلوغه |
عدد الساعات المتوقعة |
المستوى المتوسط الأدنى |
المستوى المتوسط الأوسط |
المستوى المتوسط الأوسط |
240 ساعة في 8 أسابيع |
المستوى المتوسط الأعلى |
المستوى المتقدم الأدنى |
المستوى المتقدم الأوسط |
480 ساعة في 16 أسبوعاً |
المستوى المتقدم الأوسط |
المستوى المتقدم الأعلى |
المستوى المتقدم الأعلى |
720 ساعة في 24 أسبوعاً |
أما عدد الساعات الإرشادية المتوقعة لبلوغ المستويات اللغوية لمستويات معايير المجلس الأمريكي للغات الأوروبية ضمن المجموعة الثانية:
المستوى الأدنى بلوغه |
المستوى المتوسط بلوغه |
المستوى الأفضل بلوغه |
عدد الساعات المتوقعة |
المستوى المتوسط الأدنى |
المستوى المتوسط الأوسط والأعلى |
المستوى المتوسط الأعلى |
480 ساعة في 16 أسبوعاً |
المستوى المتوسط الأعلى |
المستوى المتقدم الأوسط والأعلى |
المستوى المتقدم الأوسط والأعلى |
720 ساعة في 24 أسبوعاً |
المستوى المتقدم الأوسط والأعلى |
المستوى المتقدم الأعلى والمتميز |
المستوى المتميز |
1320 ساعة في 44 أسبوعاً |
أما عدد الساعات الإرشادية المتوقعة لبلوغ المستويات اللغوية لمستويات معايير المجلس الأمريكي للغات الأوروبية ضمن المجموعة الثالثة:
المستوى الأدنى بلوغه |
المستوى المتوسط بلوغه |
المستوى الأفضل بلوغه |
عدد الساعات المتوقعة |
المستوى المبتدئ الأعلى |
المستوى المتوسط الأدنى والأوسط |
المستوى المتوسط الأوسط والأعلى |
480 ساعة في 16 أسبوعاً |
المستوى المتوسط الأعلى |
المستوى المتقدم الأدنى |
المستوى المتقدم الأوسط والأعلى |
720 ساعة في 24 أسبوعاً |
المستوى المتقدم الأوسط |
المستوى المتقدم الأعلى |
المستوى المتميز |
1320 ساعة في 44 أسبوعاً |
أما فيما يخص اللغة العربية على وجه الخصوص التي تقع ضمن المجموعة الرابعة:
المستوى الأدنى بلوغه |
المستوى المتوسط بلوغه |
المستوى الأفضل بلوغه |
عدد الساعات المتوقعة |
المستوى المبتدئ الأعلى |
المستوى المتوسط الأدنى |
المستوى المتوسط الأدنى والأوسط |
480 ساعة في 16 أسبوع |
المستوى المتوسط الأدنى والأوسط |
المستوى المتوسط الأوسط والأعلى |
المستوى المتوسط الأعلى |
720 ساعة 24 أسبوع |
المستوى المتوسط الأعلى |
المستوى المتقدم الأدنى |
المستوى المتقدم الأوسط والأعلى |
1320 ساعة 44 أسبوع |
المستوى المتقدم الأعلى |
المتميز |
المتميز |
2400 إلى 2760 ساعة في 80 – 92 أسبوع |
انظر: https://www.languagetesting.com/how-long-does-it-take
وكذلك الحال : Judith E. Liskin-Gasparro. ETS Oral Proficiency Testing Manual. Princeton, N.J.: Educational Testing Service, 1982. ILR ratings have been converted to reflect the equivalent ACTFL ratings.
وبحسب تصنيف "المتمّم" المعتمد في المرصد الأوروبي لتعليم اللغة العربية، وهو تصنيف يراعي نتائج الخبرة العملية والتجربة الواقعية لهذا التعليم، فإن عدد الساعات الضرورية لتعلّم وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها يتأثر بعدد من العوامل، نذكر من بينها:
أولا : شكل الأحرف في اللغة العربية واللغات الآسيوية، مقارنة باللغات اللاتينية : إن أحرف اللغة العربية مختلفة تمام الاختلاف عن الأحرف اللاتينية، بينما تكاد تكون الأحرف هي ذاتها في جلّ اللغات الأوروبية. والمتعلّم يكتفي بتعلم الأصوات وجرس اللغة غالبا. كما أن العائلات اللغوية المتقاربة في اللغات الأوروبية تجعل من المفردات والتراكيب المشتركة شائعة بشكل كبير بين اللغات الأوروبية، مما يسهّل عملية التعلّم عبر إعادة استعمال الخبرات اللغوية للغة الأم. وهذا الأمر غير متوفر في اللغة العربية واللغات الآسيوية.
ثانيا : درجات التطابق والتمايز عن اللغة الفصيحة هي أوسع في اللغة العربية منها في اللغات الأوربية. فاللهجات العربية كثيرة ومتنوعة ومختلفة بين المشرق والمغرب، وهذا عامل مهم جدا لأنه يجعل التعلّم في حاجة أكيدة لوقت أطول لمعرفة الفوارق اللهجية عند التعرض اللغوي والانغماس اللغوي داخل بيئة اللغة أو عند سماع أصواتها في المواد السمعية البصرية. فكل المتعلمين يلاحظون من الوهلة الأولى الفوارق الكبيرة في التراكيب والنطق واللكنة، مما يتطلب وقتا إضافيا للتعلم.
ثالثا : خصوصية اللغة العربية وعلاقتها بالقرآن الكريم ونصوص الوحي: تختلف أغراض التعلم لكل شخص، ويعتبر التعلم الهادف إلى حفظ القرآن الكريم من أبرز الأغراض. ونظرا إلى كون لغة القرآن الكريم هي لغة ذات كثافة عالية ورمزية فائقة، فإن تعلم اللغة العربية التي نزل في سياقها التاريخي القرآن الكريم تتطلب جهودا مضاعفة ومنهجية محددة، ناهيك أن الكثير من الكلمات والعبارات تطور استخدامها عبر الزمن.
رابعا: الغلبة العددية لمعلمي العربية للناطقين بالعربية من الذين يقومون على تعليم غير الناطقين، مع قلة المعلّمين المتدرّبين تدريبا كاملا على استخدام الطرق المعيارية الحديثة والأطر المرجعية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، مما أثّر تأثيرا بالغا على زيادة عدد الساعات الضرورية لتعلّم وتعليم اللغة العربية.
ويعتبر المرصد الأوروبي لتعليم اللغة العربية (مقره باريس)، أن عدد الساعات التي تتطلبه إجادة اللسان العربي، أمر يصعب حصره بدقة. وسبب ذلك يعود إلىى العوامل الكثيرة التي تؤثر في العملية التعليمية. كما أن نواتج التعلّم المبنية على الرؤية التعليمية تتسع وتضيق نطاقاتها في كل تجربة مدرسية وفي كل بيئة. على أن تمكّن المتعلّم من إجادة خمسة آلاف لفظة عربية من بين المفردات والتراكيب الشائعة في زماننا في الكلام والقراءة، وفق الأهداف المرجعية الأوروبية والأمريكية، لا يمكن أن يتحقق في أقل من ألف وثمانمائة ساعة، على افتراض معلّم مؤهّل، ومتعلّم له الحدّ المقبول من الدافعية، وطرق تعليمية غير بعيدة عن المدخل الاتصالي والقرائي، وأهداف مرجعية منضبطة مع الأطر العالمية.
ويوضح الجدول التالي تقديرات المرصد الأوروبي لتعليم اللغة العربية بالمقارنة مع المرجعيتين الأوروبية والأمريكية.
عدد ساعات التدريس حسب تقديرات الإطار المرجعي الأمريكي |
عدد ساعات التدريس حسب تقديرات الإطار المرجعي الأوربي المشترك |
عدد ساعات التدريس حسب تقديرات الإطار المرجعي للمرصد الأوروبي لتعليم اللغة العربية "المتمم" |
2000 – 2400 ساعة بحسب البيئة التعليمية |
1600 – 2000 ساعة بحسب البيئة التعليمية |
1800 – 2400 ساعة بحسب البيئة التعليمية |
المستويات وفق تقسيم "المتمم" |
|
ونُضيف إلى ما سبق نتائج دراسة أجراها الدكتور محمود البطل على طلبة برنامج الدرسات العربية في الخارج (CASA )حين كان مديرا للبرنامج في الجامعة الأمريكية في القاهرةفي بحثه نحو المستوى المتميز في العربية وهي دراسة على طلبة برنامج كاسا السنوي من سنة 2002 إلى 2006، علماً بأن الدراسة قد طبقت على أكثر من مئة طالب وطالبة، فكانت نتائجه على النحو الآتي:
عدد ساعات الدراسة قبل دخول برنامج كاسا لبلوغ المستوى المتميز |
المتوسط 712 وأقلهم 290 ساعة وأكثرهم 2970 ساعة |
عدد ساعات الدراسة في برنامج كاسا لبلوغ المستوى المتميز |
525 |
المجموع |
1238 ساعة |
وأقدم لك عزيزي القارئ في نهاية هذه المقاربةتصوري الشخصي التقريبيلعدد الساعات التي يحتاجها الطلبة بناء على تجربة ميدانية امتدت لسنوات طويلة طالت مئات بل آلاف الطلبة في اكتساب الكفاءة في اللغة العربية بوصفها لغة ثانية أو أجنبية:
المستوى الرئيسي |
المستوى الفرعي |
عدد الساعات لكل مستوى |
عدد الساعات تراكميّاً |
المبتدئ |
الأدنى |
0 |
|
الأوسط |
40 |
40 |
|
الأعلى |
50 |
90 |
المستوى الرئيسي |
المستوى الفرعي |
عدد الساعات |
|
المتوسط |
الأدنى |
60 |
150 |
الأوسط |
150 |
300 |
|
الأعلى |
150 |
450 |
المستوى الرئيسي |
المستوى الفرعي |
عدد الساعات |
|
المتقدم |
الأدنى |
250 |
700 |
الأوسط |
250 |
950 |
|
الأعلى |
300 |
1250 |
المستوى الرئيسي |
|
عدد الساعات |
|
المتميز |
|
500 |
1750 |
فهل يمكن الآن لنا أن نقول بأن عشرات الساعات بل بضع مئات تكفي لبلوغ المستويات المتقدمة والمتميزة؟!
-لا أظن!!
على أنني بعد كل ذلك لا أنكر بل أؤمن أن هناك من الحالات التعليمية والتدريسية ما يمكن وصفها بالطفرات، ولكل قاعدة شواذٌ -لا شك، غير أن ذلك وكما هو معروف يُثبت القاعدة ويؤكدها، وليس العكس.
وأختم فأقول: إن من الضروري أن ننظر إلى تعليم العربية –للأجانب خاصة- بوصفه رسالة قدسية عظيمة تُؤدَّى وفق أسس ومعايير وقوانين ورؤىً علمية مؤطَّرة وفق أسيقة وتجارب عالمية ومحلية يؤيدها الواقع ولا يجافيها المنطق ولا تتعارض مع السُّنن التعليمية الميدانية الراسخة، فلا يتغلب علينا الطموح الجامح في وصف عمليات التعليم والتعلُّم وتأطير أزمانها المعيارية اللازمة بطريقة عبثية أو دِعائية أو براجماتية أو حتى بحُسْنِ نِيَّةٍ حُبًّا في العربية وتحبيبًا فيها!! فنطلق لأنفسنا العنان في إهدار المعايير، وعدم النظر باعتبارٍ لثابتِ التجارب والقوانين، أو إهمال تجارب الأعلام من الأشخاص والفاعلين التربويين، أو الاستخفاف بعمل المؤسسات المحترمة، أو كل ذلك على السواء،بغير ارتكانٍ إلى العلم والتجارب والمنطق والميدان، فننطلق من الهواء في الهواء فنقع على الأرض مكسوري الأيدي وربما الأعناق فنُسيئ إلى أنفسنا وإلى الميدان، وإنني لعلى يقين بأننا كُلُّنا بلا استثناء لا نُؤيد ذلك ولا نهدُف إليه بكل تأكيد!