مقالات وأبحاث متخصصة في المجال

آليات وطرق للتدريب خلال المستوى المتوسط والمتقدم

آليات وطرق للتدريب خلال المستوى المتوسط والمتقدم

by أ. محمد عادل الرويني -
Number of replies: 1


 

هذه أربعُ آليات وطرق مختلفة يمكن أن نمارسَ من خلالها بعضَ الدُّروس في مستويات (المتوسط ،والمتقدم ) أو حتى الأول المتقدم ،مع إيماننا الراسخ بأن المعلم النَّاجح هو من يسْبِرُ أغوار طلابه ليقدم لهم كلَّ ما يناسِبهم للوصول بهم إلى برِّ الأمان اللغوي ،ويساعد في سرعة تطوير تلك الوسائل والإضافة إليها .


1 - الطريقة السَّمعية الشَّفوية.

وتُسْتعمل لتطبيق الحوار بعد تحليله للمرة الأولى وفي هذه الطريقة يبذل المعلم جهدًا في الفصل ليحوِّلَه إلى مَعْمَلٍ للتدريب التفاعلي السَّمْعي والشَّفوي ،ويمكِنه تطبيقُ الدروس بعد معرفةِ معاني الكلمات كالآتي :-

  1. قراءةُ الحِوار أو الدَّرْس للاستماع بشَكل جيِّد ومتأنٍّ.
  2. إعادة قراءة الدرس عن طريق المقاطع والجُمل مع التركيز على التراكيب اللغوية المطلوبة في الدَّرس ويطلبُ من الطلاب تكرار المقطع أو الجملة خلفه بحيث يُصحح الأخطاء ،وإذا عجز الطلاب عن ترديد مقطعٍ طويل مثلاً فإنه يقوم  بتقطيعه إلى مقاطع صغيرة وترديدها .

مثال : "الجَمَلُ أَكْثَرُ الحَيَوَانَاتِ صَبْرًا عَلَى الجُوعِ"  يمكن تقطيع الجملة إلى (الجملُ / ترديد / أكثر الحيواناتِ / ترديد / الجملُ أكثر الحيوانات / ترديد / صبرًا / ترديد / الجمل أكثر الحيوانات صبرًا/ ترديد / على الجوع / ترديد / الجمل أكثر الحيوانات صبرًا على الجوع /ترديد.

وتسمى هذه الطريقة (بناء الجملة المستقيم ) ويمكن بناؤها عكسيًّا (بناء الجملة العكسي) يعني يبدأ المعلم المقاطع من الآخر وصولاً إلى الأول وهي طريقة غير مرغوب فيها في اللغة العربية.

  1. محاولة توظيف (التراكيب الصغرى) مثل لنا ،لهم ، عندنا ، عندكم ... الخ 

ويعتمد التَّوظيف في هذه الطريقة على نمطين أساسين وهما :-

الأول : استخدام (اللفظ المُثِير) أو (الصورة المثيرة).

مثال 1 : لتوظيف الضمائر في تركيب مثل ( أنا ذاهب إلى مطعمي المفضَّل ) يقول المعلم للطلاب التركيب بصيغة (المفرد المتكلم) ثم يعرض عليهم الضمير (هم) والطلاب يرددون بشكل جماعي ( هم ذاهبون إلى مَطْعَمِهم المُفَضَّل ) ثم يعرض عليهم الضمير (هي ) وهم يرددون ( هي ذاهبة إلى مطعمها المفضَّل )...الخ.

مثال 2 : لتطبيق مفردة (عُنُق ) من خلال جملة (للزرافة عنقٌ طَوِيلٌ ) يعرض المعلم صورة العنق ويقول ( هل للزرافة رأسٌ كبير؟) ،ومن ثَمَّ يردد الطلاب ( لا ، للزرافة عنقٌ طويل ).

وهكذا يستمر التدريب من خلال استخدام (المثير اللفظي) أو (المثير الصوري).


الثاني : التوظيف عن طريق استخدام الألعاب اللغوية وغالبا ما تكون تلك الألعاب جماعية ،وتستخدم أكثر في مراجعة أكثر من تركيب قد أعده المعلم للمراجعة .

مثال : لتوظيف بعض التراكيب مثل ( القليل من ، الكثير من ،بعض الأغراض ) فإن المعلم يمكن استخدام لعبة السوق ويقوم بتوزيع تلك التراكيب على عدد من الطلاب كل طالب يتحدث بضمير مختلف .

فيقول الأول : أنا سأذهب إلى السوق صباحًا لأشتري القليل من الطعام .

ثم يقول الثاني : هو سيذهب إلى السُّوقِ لِيشتري القليل من الطعام ،ونحن سنذهب إلى السوق لشراء بعض الأغراض .....

وهكذا إلى غاية نضمن بها تطبيق التراكيب المطلوبة.

  1. من التدريبات الفعَّالَة في ممارسة هذه الطريقة عرض الحوار أو الموضوع على لوحة الكترونية قد قام المعلم سابقًا بحذف عدد من المفردات (الأسماء ،الأفعال ،الحروف ) ويطلب من الطلاب قراءتها بشكل جماعيٍّ ويكملوا الكلمات الناقصة في النص.
  2. يمكن للمعلم تجهيز درسٍ مناسب يجمع غالب التراكيب الجديدة على مدار الأسبوع ويمارسه مع الطلاب بهذه الطريقة خلال حصة أو حصَّتين .
  3. يُمنع استخدام اللغات الوسيطة منعًا باتًّا أثناء التطبيق ،كما إن الطلاب لا يستخدمون مهارة الكتابة في الحصَّة السمعية الشفوية.

ملاحظة مهمة : هذه الطريقة ليس من الضَّروري استعمالها إنما هي آليات مساعدة لا يستعملها المعلم في كل حصَّة إنما هي تستخدم لغرض الممارسة والمراجعة اللغوية وليس للتحفيظ عن طريق التكرار ،كما أنها أيضا لا تساعد في معرفة اللغة من النَّاحية التِّلقائية القواعدية يعني لا تُخرج طالباً قادرًا على الإنشاء من تلقاء نفسه.


2 - طريقة الاستجابة الجسدية :

هي طريقة سهلة وبسيطة تعتمد على تجهيز  عدد من الأوامر المأخوذة من تعبيرات وتراكيب يريد المعلم تعليمها للطلاب ثم يبدأ بممارسة الطريقة في الفصل وتكون كالتَّالي :

  1. نفترض أن لدينا فقرة قرأها المعلم على الطلاب وحلَّلها ولديه عدد من الجُمل والأفعال التي ينبغي أن يُحاكيها الطالب مثل :- 
  2. يأكل بِشَرَاهَة ...
  3. يَتَنَزَّل معه ..
  4. يمتعض من كلامه ..
  5. يُفَكِّر جِدِّيًا ...
  6. يفكر بجنون ....
  7. يتوسل إليه ...

 

  1. يقوم المعلم بجمع ما لديه من تعبيرات و أفعال وتحويلها إلى أفعال الأمر.
  2. يَخْتَارُ المعلمُ عَددًا من الطلاب المتطوعين لممارسة الدَّرس.
  3. يقوم المعلم بإصدار الأمر للطالب الأول مثلاً :

(كُلْ بِشَرَاهَةٍ .. )/ يقوم الطَّالب بالاستجابة الجسدية للأمر ويحوله إلى تمثيل / ثم ينتقل إلى الطالب الآخر بأمرٍ جديد .

  1. الطلاب جميعا صامتون وكذلك أيضا المتطوعون يقومون بالاستجابة الجسدية فقط.
  2. يكرر المعلم الأوامر مع زيادة سرعة الطرح.
  3. يتوجه المعلم إلى الفصل ويبدأ في طَرْح الأوامر عليهم جميعًا وهم يستجيبون جسديًا فقط لتنفيذ تلك الأوامر.
  4. وبعد التَّأكد من رسوخ تلك التعبيرات و الأفعال في أذهان الطلاب يقوم المعلم باختيار عدد آخر وليكن (4) من المتطوعين.
  5. يأمر المعلم المُتَطَوِّع الأول بأحد الأوامر مثل : 
  6. توسَّل إلى سعيد / يبدأ بتمثيل التوسل إلى أحد المتطوعين.


ثم يقول مُتَطَوِّع ثالث مستخدمًا الفِعْلَ المُضَارع

  • يتوسَّل صالحٌ إلى سعيد

ثم يقول مُتَطَوِّع رابع مستخدمًا الفِعْلَ الماضي 

  • توسَّل صالحٌ إلى سعيد 

 

 - يتجه المعلم إلى الفصل ليبدأَ المتطوعون في تنفيذ الأوامر جسديًا والطلاب من خلفه يَصِفُون الأوامر بالصيغ المختلفة (الماضي ،المضارع ، الأمر ) للأوامر المختلفة التي أسداها المُعَلِّمُ .

ملاحظات على هذه الآلية :

  1. هذه الطريقة لكسْر روتين الحفظ الذي يُمارس بالتكرار الذاتي.
  2. يُستحبُّ استخدام تلك الطريقة في الفصول ذوات العدد الكبير .
  3. عدد لا بأس به من هؤلاء الطلاب مصابون (بالقلق الفَصْلِي) ،والاستجابات الجسدية تخفف من حدة القَلَق ،وكلما قلَّ القلق زاد معدل تعلُّم اللغة.
  4. يراعي المُعلم أو المعلمة طريقة توجيه الأمر ،فعليه أن يوجِّهه بطريقة عطوفة تظهر فيها إطارات الاحترام و التقدير.

 

3 - طريقة الإثارة الاجتماعية

دعنا نوضح تلك الطريقة من خلال عرض نموذج واحد فقط من الطلاب وكانت تجربة شخصية لي مع بعض طلابي :

النَّمُوذَج : طالبٌ هادئٌ جدا ،مفرطٌ في الحفاظ على شخصيته لا يستجيب كثيرًا إلى التَّفاعلات الفَصْلية كي لا يظهر خطؤه أمام الطلاب،ومن ثمَّ تأخر كثيرًا  في مهارة المُحَادَثَة.

صارحته بهذه الإشكالية وبيَّنتْ له أنه لا يمكن أن يبقى على هذا الحال ومنحته فرصة اللقاء منفردًا.

كانت دولة هذا الطَّالب في حالة حرب لسنوات طويلة جدا وانقسام وبالطبع كان يعيش مع أهله هذا الصراع ،فَاجَأْتُه بشكل عفوي قبل بدأ الدرس في بعض هذه المشكلات وتعمَّدت أن أتَّهم بلاده وأهله بالتقصير وأنهم كانوا أَحَدَ أسباب الحرب المشتعلة.

ظنَّ الطالبُ في البداية أنني أمازحه قَبْلَ الدَّرْسِ ولكنه مالبث أن أخَّر الورقة والقلم وأخذ نفسًا عميقًا وبدأت يداه تشيران يمينًا ويسارًا ،ينفعل ويهدأ ،ينسى بعض الكلمات فيعتصر ذاكرتَه بحثًا عنها حتى يجدها ،كلُّ هذا وأنا متَّكِئٌ أستمع وتعبيرات وجهي تُثِيرُهُ فقط.

تكلم الطالب بكل شيء وَبَيَّن عواملَ ،وأَسْباب ،ومظاهر ،وخصائص ،وإرهاصات ....الخ لأكثر من ساعة حديثًا متواصلاً،لقد استفدت كثيرًا من تلك المعلومات التي خرجت بطريقة قيصرية.

وبعد أن انتهى الطالب من الحديث وبدى الغضبُ على وجهه يهْدأ ،رمى بالقلم في حقيبته وهو يقول لا أعرف يا أستاذ كيف أنتم أيضا تقولون هذه الأشياء ؟! 

     هنا فككت يدي واعتدلت مع ابتسامة عريضة وقلت له الحمد لله ! هذا هو درس اليوم وهذه التُّهمة فقط قرأتها عن أحد الكُتَّاب الأجانب وحاولت استثارتك بها.

     انفجر الطالب ضَحِكًا وجرى بعدها الحديثُ بشكل عاديٍّ جدا ،وأصبح هذا الطالبُ أكثر الطلاب حديثًا ومناقشةً في الفصل وخارج الفصل.

     

والآن يمكن للمعلم العمل بهذه الطريقة بالاعتبارات التَّالية :

  1. لا تناقش موضوعًا ذا حساسية عالية داخل الفصل فربما يحدث الخلاف بين الطلاب ويتحوَّل الفصل إلى عراك بسبب اختلاف الآراء.
  2. دلال المعلم على الطلاب له دور في اختيار الموضوع ،فمثلا لا يصلح أن تناقش طالبًا ليست بينك وبينه مودة سابقة وعلاقة جيدة في موضوع خاص أو حسَّاس.
  3. اختر الموضوعات الاجتماعية المناسبة للطلاب ،فلا تناقش طالبًا ليست له ميول رياضيَّة في أمور الرياضة ،ويمكن معرفة ذلك من خلال خبرتك باهتماماتهم.
  4. من الموضوعات التي تصلح للنقاش داخل الفصل في حصَّة معينة إثارة أفضل طعام وكيف يتم إعداده - وهنا تجد الطلاب ينشطون جدًا للحديث - ،أو موضوعات عادات الزواج والتقاليد ....الخ
  5. تصلح جدا هذه الطريقة في الحالات الفردية أو الفصول ذات العدد القليل ،لكن من الصعب تعميمها على الفصول التي يجلس فيها (20) طالبًا.


4 - الطريقة الإيحائية.

يمكن للمعلم استخدام تلك الطريقة للسيطرة على شعور بعض الطلاب المُحبطين والذين يشعرون دائما بصعوبة ممارسة اللغة وفقدان الأمل في معالجتها ،فيقوم المعلم بتجهيز فصلٍ خاصٍ بهؤلاء الطلاب ويعمل على كسر الحواجز النفسية بينهم وبين اللغة من خلال عدة آليات وطرق أهمها :-

  1. التركيز على نقطة واحدة من الموضوعات سيدور الدرس حولها مثل توظيف الطِّباع والعادات مثلا .
  2. يقوم المعلم باستخدام اللغة في مواقف أكثر من التركيز على حفظ المفردات و التعبيرات ودراسة بعض القواعد.
  3. يتقمص الطلاب أدوار وأسماء عربية يحاكونها في مواقف تمثيلية للغة بحيث تنكسر الحواجز النفسية.
  4. لا يركز المعلم على تصحيح الأخطاء أثناء ممارسة الدرس ويكتفي هو أثناء تأدية دوره بالأداء اللغوي الصحيح الذي يتعلم الطالب منه.
  5. تكليف الطلاب بقراءة الدرس قبل النوم وفي الصباح لأن تلك الأوقات يختلط فيها الواعي باللاواعي.
  6. يحاول المعلم أن يخلق لهم بيئة عربية تمتزج بالثقافة شيئا ما كتمثيل نزول الطلاب إلى مطار القاهرة ولقاء ضابط الجوازات ثم المرشد الذي يعطيهم بدوره بعض النصائح عن البلد وعادات الناس والبيع والشراء وماشابه ،وليخْتَر كلُّ طالب ما يناسبُه من الشخصيات والمُسميات العربية.
  7. التركيز على التواصل أكثر من التركيز على شكل اللغة من قواعد وتحكمات تراكيبية.


خاتمة :

نحن نؤمن بأن تلك الطرق لا يمكن أن تُمارس جميعها في آن واحد و قد تكون بالفعل إحدى الطرق التي تمارسها أو شبيهة بما تقوم به أو حتى ربما لا تتفق مع أحدها فلك أن تختار ،أو تعضد أوتضيف بما يتفق وظروف طلابك.


رجاءٌ :

يمكنك كمعلم أن تعمل بجد على تطوير إنتاجية طريقة أو أكثر تعمل بها داخل الفصل وتؤتي ثمارًا ثم تعرضها على زملائك في العمل لتساهم في إثراء المكتبة العربية في حقل تعليم العربية لغير العرب.