بات التعليم عن بُعد الشّغل الشّاغل لكثير من الأساتذة، فإن كان تعلّم أساليب وطرائق جديدة في التعليم مجرّد شغف أو حبّ للمعرفة من قِبل الأستاذ، فبات الآن واجبًا عليه بأن يواكب هذا التطوّر بسبب جائحة كورونا، فبسبب هذه الجائحة انتقلت المؤسسات التعليميّة من التعليم في صرحها إلى التعليم عن بُعد. فعلى كل أستاذ الآن أن يحاول فهم ما هو هذا التعليم، وكيف يكون، وما الذي يحتاج إليه لتحقيقه، وهل هناك تحديات ستواجههه، وكيف سيتغلّب عليها لنجاح صفوفه التعليميّة عبر الإنترنت.
يُعرف التعليم عن بُعد بأنه تعليم يعتمد على الإتصال بالإنترنت ولا يقتصر على مكان معيّن بل من الممكن تحقيقه في جميع أنحاء العالم، وفيه لا يكون الطّلبة حاضرين جسديّا في الغرفة الصفيّة الحقيقيّة. وقد يكون هذا التعليم:
أ. متزامنًا، أي يلتقي فيه الأستاذ بطلبته عبر الإنترنت باستخدام المنصّات الكترونيّة كـ Microsoft teams و canvasوغيرها، أو عن طريق برامج مكالمات الفيديو مثل zoom و Skype وGoogle duo وغيرها الكثير. وهذا التعليم جيّد للطلاب الذين لديهم جدولًا زمنيًّا محدّدًا لدراستهم، ويحبّون التفاعل المباشر مع الأستاذ والطّلبة.
ب. غير متزامن، لا يلتقي فيه الأستاذ بطلبته بشكل مباشر فالطّالب قد لا يكون لديه جدولًا زمنيًّا محدّدًا للدّراسة، ولا يملكون الإنترنت السريع، لذلك يعتمد هذا التعليم على المهام والواجبات التي يعطيها الأستاذ لطلبته وعليهم القيام بها ومن ثمّ يقوم الأستاذ بإرسال التغذية الرّاجعة لهم فقد يستخدم الأستاذ البريد الالكتروني، أو يستخدم الفيديوهات المسجّلة، أو يستخدم مواقع إلكترونية تعتمد على إنشاء صفوف ومن ثمّ يقوم الأستاذ بوضع المهام فيها وعلى الطلبة إنجازها مثل Google classroom.
إن التعليم عن بُعد يقع أولاً على عاتق الأستاذ فهو سيخرج من منطقة الرّاحة الخاصة به ليبحث عن طرائق جديدة لإيصال المعلومة لطلبته وله دور كبير في تحفيز كل طالب وتشجيع طلبته على التفاعل فيما بينهم أثناء الدرس عبر الإنترنت. ولتحقيق أحد هذين النوعين على الأستاذ أن يمتلك مجموعة من المهارات يحتاج إليها لنجاح العمليّة التعليميّة الخاصّة به:
1. أن يكون متخصّصًا في المجال الذي يقوم بتدريسه.
2. أن يكون قادرًا على التعامل مع الأساليب التكنولوجية الحديثة.
3. أن يكون قادرًا على التعامل مع الطّلبة وقيادتهم والتنسيق بينهم خلال رحلتهم التعليميّة معه.
4. أن يكون لديه ثقة بنفسه، وتعدّ هذه من أهم المهارات التي يجب أن يتمتّع بها الأستاذ؛ لأنه سيكون أنموذجًا لطلبته يقتدون به، ويثقون بمادته التعليميّة.
5. أن يكون متابعًا ومواكبًا لأهم المستجدّات في الميدان التعليمي، ولأهم الطرائق التدريسيّة الحديثة عبر الإنترنت.
إن للتعليم عن بُعد تحديّات قد يواجهها أستاذ اللغة أو أي أستاذ آخر في أي مجال كان، لنقف على أبرز هذه التحديات مع اقتراح بعض الحلول الممكنة لها:
-
توفّر الإنترنت: تعدّ التكنولوجيا من أهم دعائم التعليم عن بُعد، فبدونها سيصبح تحقيق هذا التعليم صعبًا، فالطّالب والأستاذ كلاهما يحتاج إلى الأجهزة، وشبكة الإنترنت، وحزم الإنترنت، وسرعة الإنترنت، فقد لا تتوفّر أحدها لديهم، ولهذا من الأفضل أن يعرف الأستاذ قبل البدء بالتدريس أوضاع طلبته، فإن كانت لديهم مشاكل في الإنترنت فعلى الأستاذ أن يقوم بتحضير مواد حجمها بين الصغير والمتوسط ولا تحتاج إلى حزم كبيرة لتحميلها، أو أن يقوم بتحميل الفيديوهات أو إدخال رابط الفيديوهات المراد استخدامها إلى مواقع إلكترونيّة خاصّة بذلك ووضع الأسئلة فيها وعلى الطّالب الدخول إلى الموقع والإجابة عن الأسئلة دون الحاجة إلى تحميلها على حاسوبه الخاص، أو بدء مناقشة حول الأسئلة بطريقة متزامنة ولكن ليست مباشرة عبرها واقترح هنا موقع https://www.vialogues.com/ لتحقيق هذا الهدف، ومن الممكن أيضا تقليل اللقاءات المباشرة مع الطّلبة ويقوم الأستاذ بتكليفهم بالقيام بمهام بمفردهم.
-
المادّة التعليميّة: يحتاج الأستاذ إلى مواد تعليميّة تحقّق أهدافه، واحتياجات طلبته، ولكن إن لم يجد هذه المواد ولم تكن متوفّرة فعليه تصميمها بنفسه، وتسجيل الفيديوهات التعليميّة الخاصّة به. في بادئ الأمر عليه التركيز على هدفه من الفيديو وعلى وضوحه وليس على الاحترافية، فقد يستخدم الكاميرا الخاصّة بهاتفه، أو حاسوبه. وبعد اعتياده على الأمر قد يكون بإمكانه تصميم فيديوهات تعليميّة باستخدام تطبيقات خاصّة بذلك، أو استخدام صور تفاعليّة، أو فيديوهات تفاعليّة، أو نصوص تفاعليّة وهي متوفرّة عبر الشّابكة فمن التطبيقات المقترحة لتصميم فيديوهات بشكل سهل ومرن هي: adobe spark أو برنامج Camtasia أو استخدام موقع https://screencast-o-matic.com/ . أما المواقع المقترحة لاستخدام صور تفاعليّة هي:www.thinglink.com أو https://piktochart.com/، أما المواقع المقترحة لاستخدام فيديوهات تفاعليّة هي: www.go.playposit.com أو www.edpuzzle.com ، أما للنصوص التفاعليّة فمن الممكن استخدام موقع www.read.activelylearn.com.
وكلّما قام الأستاذ بالتنويع في الوسائل التعليميّة المستخدمة في العملية التعليميّة كلما كان انجذاب الطالب واندافعه للتعلّم عبر الإنترنت أكبر.
-
جاهزيّة المعلّم: إن الانتقال من التعليم التقليدي (الغرف الصفيّة الحقيقيّة) إلى التعليم والتعلّم عن بُعد يحتاج إلى أستاذ متمكّن، وقد يكون هذا صعبًا على كثير من الأساتذة لذلك لا بدّ من عقد دورات تدريبيّة للأساتذة على كيفيّة استخدام الوسائل الإلكترونيّة، وتدريبهم على كيفيّة تخطيط وتنفيذ الدروس عن بُعد.