الطلاقة والدقة اللغوية أو ما يسمى بالسلامة النّحوية مصطلحان مألوفان لمن يعمل في مجال تعليم اللغات الأجنبية عموماً، وتعليم العربية للناطقين بغيرها على وجه الخصوص. وهما العاملان الحاسمان في التحدث باللغة العربية وإتقانها. والنتيجة الحتمية لهذه العلاقة أن لا طلاقة بدون دقة ولا دقة بدون طلاقة.
والطلاقة بحسب قاموس وليام وبستر هي المقدرة على الحديث بسهولة وسلاسة، وخصوصاً عند الحديث باللغة الأجنبية بسهولة وفعالية، ومن تعاريفها أيضاً المقدرة على فهم الشخص المتحدث من قبل الناطقين باللغة أو من غيرها، ومن تعاريفها أيضاً المقدرة على إنتاج لغة طبيعية بشكل سلسل وسريع بما يتطلبه الموقف وليس من الضروري أن يتسم بالدقة اللغوية التامة.
والدقة هي مقدرة الشخص على إنتاج لغة سلمية من الناحية اللغوية الصوتية والمفرداتية والقواعدية: النحو والصرف. ومن تعاريفها استخدام الأنظمة اللغوية بشكل صحيح وسليم.
والدقة تعني أننا نجذب اهتمام الدارسين إلى أهمية الشكل، وليس غريباً أن تعليم العربية قديماً كان يقوم على الدقة والشكل قبل المعنى. وإن دخل ميدان التعليم مذاهب أخرى قلبت الأوراق وأضحينا نهتم أحياناً بالمعنى لا بشكل أولاً.
والأساتذة التقليديون عادة ما يركزون على الدقة اللغوية لأنها تمثل الشكل الأهم للغة، في حين يهتم الأساتذة الليبراليون على الطلاقة اللغوية لأنهم يسعون نحو تنمية الثقة لدى المتعلمين في الكلام باللغة الأجنبية. ولا شك أن الشق الأول هو نتاج لمدرسة القواعد والترجمة في تدريس اللغات الجنبية، والثاني هو انعكاس للمذهب الاتصالي في تعليم اللغات الأجنبية.
ويمكن الملاحظة إلى أن الطلبة أنفسهم قد يميلون إلى الاهتمام بالدقة أكثر من الطلاقة لأنهم على ذلك أقدر. فيما تختلف رؤية أساتذة العربية من الدقة والطلاقة بحسب الفلسفة التي ينطلقون عنها، ولنقل فلسفة الكتاب أو السلسة التي يعتمدونها في التدريس.
ويبقى السؤال ما هو المذهب المثالي في الموازنة بين الطلاقة والدقة في برامج العربية للناطقين بغيرها. وأودّ أولا أن أستعرض مكانة الطلاقة والدقة وفق مستويات الكفاءة في معايير المجلس الأمريكي ACTFL والإطار المرجعي الأوروبي المشترك CEFR .
المستوى بحسب آكتفل |
الطلاقة |
الدّقة |
المبتدئ |
يصعب فهمه حتى ممن اعتاد التعامل مع غير الناطقين باللغة.
|
قد يصعب فهم كلام هذا الشخص من حيث الدقة اللغوية: الأصوات، والمفردات والقواعد حتى من قبل أكثر الناس تعاطفاً مع غير الناطقين بالعربية، وهم أساتذته. |
المتوسط |
يمكن لمن يتعامل مع غير الناطقين باللغة أن يفهمه مع طلب الإعادة.
|
يمكن فهمه والتواصل معه من قبل الأشخاص المتعاطفين معه، ممن يتعاملون مع غير الناطقين بالعربية على الرغم من أخطائه النمطية. |
المتقدم |
يفهمه الناس العاديون ممن ليس لديهم احتكاك بدارسي العربية من الأجانب. |
لديه سيطره كافية على الأنظمة اللغوية البسيطة، ويمكن فهمه من الناطقين باللغة الأم، وكذلك ممن يتعاملون مع الناطقين بغير العربية. |
المتميز |
لا وجود لأنماط من الأخطاء القواعدية، ولا ثؤثر الأخطاء التي قد يرتكبها على التواصل أو تحوّل اهتمام السامع عما يقال. |
يتواصل بسهولة من حيث الطلاقة والدقة اللغوية، ولا تتشكل لديه أنماط لغوية في الأخطاء في التراكيب اللغوية والقواعد الأساسية، وإذا ارتكب أخطاء في الدقة فإنها لا تعيق التواصل. |
المتفوق |
يتكلم كما يتحدث المثقف المتحدث باللغة الأم، وبالكاد يرتكب أخطاء قواعدية، وهي لا تلفت نظر السامع. |
يستخدم اللغة بطلاقة ودقة، وبشكل فعّال، كما يفعل أبناء اللغة المثقفون والمتعلمون. |
أمّا منزلة الطلاقة والدقة بحسب الإطار المرجعي الأوربي، فهي كالآتي:
المستوى بحسب الإطار الأوروبي |
الطلاقة |
الدّقة |
A 1 |
يستخدم التعبيرات الجاهزة والمحفوظة القصيرة، ويتلعثم ويتوقف خلال الحديث بحثاً عن الكلمات والتعابير المناسبة. |
لديه مقدرة محدودة على القواعد وتظهر في شكل قوالب محفوظة. |
A 2 |
يستطيع أن يوضح مراده، بعبارات وجمل قصيرة، ويكرر كلامه ليوصل مراده. |
يستطيع استخدام بعض التراكيب البسيطة ولكنه يرتكب أخطاء أولية بصورة متكررة. |
B 1 |
يستطيع أن ينقل رسالته بشكل مفهوم رغم حاجته أحياناً للتوقف بحثاً عن المفردة المناسبة أو لإعادة صوغ عبارته. |
لديه مقدرة جيدة على استخدام التراكيب والقواعد الأساسية في الموضوعات المألوفة، ويرتكب بعض الأخطاء التي لا تعيق الفهم والتواصل. |
B 2 |
يتمتع بسرعة جيدة ومنظمة في الحديث دون الحاجة إلى التوقف وإعادى الصياغة. |
لديه سيطرة جيدة على القواعد رغم بعض الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، ولا يرتكب أخطاء تؤدي إلى سوء الفهم. ويستطيع أن يتدارك أخطاءه. |
C 1 |
يتحدث بسهولة وسلاسة وبتلقائية دون عناء واضح في الموضوعات المألوفة، وقد تضطرب السلاسلة والطلاقة في حال الحديث عن الموضوعات غير المأللوفة والمجردة. |
يتمتع بقدر عالٍ من السيطرة على القواعد وإتقانها، وليس لديه أخطاء قواعدية نمطية تؤدي إلى سوء الفهم. يمكنه تصحيح الأخطاء إذا وقع فيها. |
C 2 |
يملك طلاقة وسهولة ومرونة في التعبير وبتلقائية حول شتى الموضوعات المألوفة وغير المـألوفة، المحسوسة والمجردة. |
يظهر سيطرة تامة على القواعد، وتبدو على لغته التعقيد اللغوي المناسب للمستوى. |
ومن خلال فهمي للعلاقة بين الطلاقة والدقة، ينبغي على أساتذة العربية للناطقين بغيرها الموازنة بينهما حيث يمثلان معاً اللغة التي يسعى الدارس إلى تعلمها، والرسومات أدناه تبين درجة الاهتمام التي يجب أن يوليها معلم العربية لدارسيه، منطلقين من المستوى المبتدئ إلى المتفوق. ففي البدايات يجب العمل على تشجيع الطلاقة وبناء الثقة في نفوس الدارسين على الإنتاج باللغة بالعربية طالما أن الرسالة تصل إلى المسمتع، بحيث تنمو الدقة مع نمو الطلاقة تدريجياً، كما وصفتها في جدول آكتفل.
ويمكن القول بأن هذا الموضوع موضوع الدقة والطلاقة يحتاج إلى باحث متميز لكي يكتب فيه أطروحته عبر المستويات المختلفة.
