مقالات وأبحاث متخصصة في المجال

مقدمة في إشكالية التحدث بين المعلم والطالب والمقرر الدراسي

مقدمة في إشكالية التحدث بين المعلم والطالب والمقرر الدراسي

oleh أ. محمد عادل الرويني -
Number of replies: 0


 

كيف يدرس المعلم الكلام أو التَّحدث ضمن برنامج ما؟ وهل يبدأ بتدريسه التحدث من الأيام الأولى؟ وما طبيعته وكيفية تنمية تلك المهارة؟ كلُّ تلك الأسئلة وأكثر تُطرح في هذا المقام.

لكن أولاً دعنا نقول بأنه يجب أن نعرف بأنَّ قضية التحدث لدى الناطقين بغير العربية تحدٍّ كبيرٌ إن لم يكن التحدي الأكبر على الإطلاق؛ فهي دائمًا ما تسبب حرجًا مُتشابكًا بين الأطراف المشتركة في العملية التعليمية.

ونلاحظ ذلك عندما ينتهي المعلم من تدريس جزءٍ من البرنامج المقرر والطالب ما يزال عاجزًا عن التفاعل في حوارٍ بسيط أو الإجابة عن أسئلة نمطية مثل: كم عمرك؟ وأين تسكن؟ وكم إيجار بيتك؟ ...إلخ.

وهنا يقع الاتِّـهام المتبادل بين الطالب والـمعلم من جهة، أو بين المعلم والمنهج المقرر من جهة ثانية، أو بين المعلم وإدارة المؤسسة أو أولياء الأمور من جهة ثالثة، وهكذا لا تنتهي هذه السلسلة من الاتهامات بالتقصير في ضعف لغة الطالب وتضييع وقته.

ومع أن الجميع يتعجل النتائج في المرحلة الأولى -وهذا شيء مُقلق -إلا أنه تبقى بعض الأزمات التي يمكن أن تجعل المشكلةَ حقيقية تستمرُّ مع الطالب حتى انتهائه من الفترة الدراسية المقررة.

وقد يكون المعلمُ سببا رئيسًا في بعض الأحيان نتيجة أخطاء لم ينتبه إليها على عدة مستويات، ولذا فيمكن للمعلم الاطلاع على تلك النصائح وإن كان قد سبق له الوقوع في مثل هذه المشكلة فقد يتعرف إلى السبب:

  1. لا تعتقد دائمًا أنَّه من الضروري بعد الانتهاء من المقرر الدراسي أن يكتسب الطالبُ مهارة التحدث من خلال دراسة المقررات الدراسية فقط.
  2. عدم وجود خطَّة لتنمية مهارة التحدث من اليوم الأول يساعد في بروز تلك الأزمة مُسْتَقْبَلِيًّا.
  3. التحدث أو مجرد نطق الطالب بكلمات وجمل عربية يشكل حاجزًا لُغَوِيًّا لدى الكثير من الطلاب، فيفضلون هزَّ الرَّأس وموافقة كل ما تقول على التفاعل الكلامي، ويجب التعجيل بكسر حاجز هذه الرهبة بين الطالب واللغة.
  4. التحدث والكلام مهارة بها جوانب شبه منفصلة دِرَاسِيًّا؛ فيجب الاعتناء بها، بل إن بعض المعاهد لفرط اهتمامها بجوانب التحدث على حساب الجوانب الأخرى يتميز طلابها بالطلاقة اللغوية النسبية وسرعة التحدث على ضعفٍ في جوانب كثيرة من اللغة العربية.
  5. خطة تعليم الكلام وتنمية مهاراته يجب أن تكون مقسمة على حسب المراحل والمستويات بدايةً من المستوى الأول وحتى الأخير.
  6. الكلام على المناهج والمفاضلة بينها وإلقاء اللوم على المنهج المقرر حجة واهية وضعيفة لا تليق بمعلم خبير بخريطة العربية، ولذلك أقول لزملائي وإخواني الذين امتطوا جواد تدريس العربية لغير أبنائها، وهذا من واقع التجربة لوقت طَوِيل:

    ليس هناك منهاج يصنع طالبًا ويبنيه ولكن المعلم هو من يقوم بهذا حتى لو لم يكن بين يديه كتابٌ يُرشده فهو طبيبٌ يعرف المرض ويعالجه بما لديه من دواء بينما يؤدي الكتاب رسالات هامشية وتنظيمية؛ فهو مرشد أحيانًا لبعض المعلمين إلى الموضوعات التي يجب أن يتناولها الطالب في هذه المرحلة، ومنظمٌ أحيانًا أخرى لعملية إدارة الوقت التدريسي ووضع حدود المنسوب الدراسي ،كما أن الطلاب يجب أن تكون لهم مرجعية يستأنسون بها في التطبيق والقراءة وما إلى ذلك مما لا غنى عن الكتب فيه.

    فنحنُ نُطَمْئِنُ المعلمين ونُريح الكثير ممن تُشَكل المناهج هوسًا لهم فينتظرون كلَّ جديد ليطرحوا ما في أيديهم ويسايروا عملية التطوير التي هي في الحقيقة كما يقول أحد الأساتذة (تَطْيِيرٌ) وليست تطويرًا[1] ،  كما نأمل أن يختفي السؤال الممجوج الذي يتكرر كثيرًا (ما أفضل سلسلة أو منهاج أو كتاب في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؟).

     


    [1]  - يمكن مراجعة بحثٍ مهم للأستاذ الدكتور رشدي طعيمة رحمه الله بعنوان: معاهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها (اتجاهات التطوير – معايير الاعتماد – مؤشرات الجودة) وهو منشور ضمن مجلة العربية للناطقين بغيرها الصادرة عن جامعة أفريقيا العالمية – العدد الثالث يناير 2006-ذو الحجة 1426 السنة الثالثة.