مقالات وأبحاث متخصصة في المجال

الإبداع الزماني والمكاني ودوره في دروس التحدث

الإبداع الزماني والمكاني ودوره في دروس التحدث

de أ. محمد عادل الرويني -
Número de respuestas: 0



يجب أن تتميز دروس التحدث بمجموعة من الخصائص التي تُظهر أهميتها في الجدول التدريسي، ولعل الإبداع في تمييز تلك الحصة أو الدروس جعل الكثير من الطلاب يتهيَّأ لها وينشط لها قبل مجيء موعدها.

وسنوضح بعض الخصائص التي ينبغي أن تعتني بها المؤسسات التعليمية للمعلمين والطلاب لترتقي بلغة طلابها إلى مستويات تواصلية أفضل.

وسنتناول في هذا المقال خاصية الاعتناء بجوانب الزمان والمكان على أن نتناول خصائص أخرى في لقاءات قادمة بمشيئة الله تعالى.


الإبداع في الزمان والمكان.

محاولة استغلال المكان والزمان في الإبداع من أجل التعليم هي فكرة رائدة وهي-في ظني -إحدى الفوهات التي وضع الطبيب النفسي البلغاري "جورجي لوزانوف" (George Lozanov) يده عليها سنة 1975 م في أثناء تطوير مبدأ التعليم الإيحائي من علم الإيحاء، وهي طريقة تعتمد على وضع الطالب في بيئة تواصلية لا شعوريًا أكثر منها تعليميًّا أو تدريسيًا؛ فتهتم بترتيب المكان وتنسيقه من أثاث وديكور، وألوان ومساحة، وطريقة جلوس الطلاب، وطريقة إدارة الدرس ...إلخ.

  وتهدف هذه الطريقة لإبعاد أو إزالة الحواجز النفسية عند الطلاب حتى ينطلقوا في الأداء التواصلي غير الشعوري دون مجهودٍ كبير في تعلم اللغة . ([1])

وعلى كل حال نتفق أو نختلف مع مبادئ الطريقة الإيحائية وتطبيقاتها في الجوانب التدريسية إلا أنها من الأدوات النافعة جدًا في دروس التحدث.

وأعتقد أن القارئ هنا قد أدرك مفهوم استغلال المكان والإبداع في تهيئته، فكيف يكون الإبداع الزماني؟

ولتتضِحَ فكرةُ الإبدَاعِ هذِهِ سنضع نموذجًا لفصلٍ من فصول تعليم التحدث تتلخص خصائصه في الجدول الآتي، ولنقرأ أولًا بيانات الإبداع المكاني ثم نقرأ بيانات الإبداع الزماني في الجدول ثم نستنتج.

الإبداع المكاني

الإبداع الزماني

الفصل يقع في مكان هادئ جدا من المبنى وليس هنالك أصوات مزعجة، فقط الطلاب يسمعون أصوات بعض العصافير، والنوافذ تسمحُ بدخول أشعة الشمس الصافية.

توقيت الدرس في الساعة الثامنة صباحًا، حيث الهدوء والنشاط وحماس التعلم يظهر بوضوح على الطلاب والمعلم أيضًا

الطلاب يجلسون على مقاعد دائرية مريحة جدًا، ونرى أصحاب الفكرة الواحدة من الطلاب في تقارب مكاني.

موضوع الدرس مناسب جدًا لجميع أعمار الطلاب، فالمعلم سيتحدث عن موضوعٍ لطالما شغل الرَّأي العام في هذا الوقت، وبالتأكيد جميع الطلاب على دراية بجوانب هذا الموضوع.

ليس في الفصل ما يدل على التدريس من أدوات مكتبية أو كتب دراسية أو حتى أقلام وكراريس

لدى الطلاب وقتٌ كافٍ ومناسب للتحدث في هذا الموضوع المتشعب، وكذلك يبدو أنه سيناسب عدد الطلاب الحاضرين ليتحدث الجميع ويبدي رأيه بوضوح.

المعلم والطلاب يتواجهون؛ والجميع تسمح له جلسته برؤية الآخر ومخاطبته

على مكتب المعلم جهاز للعد التنازلي يظهر على اللوحة، ويُحدد دائرة الزمن المحددة لكل طالب أو مجموعة من البداية حتى انتهاء وقته.

هنالك لوحات تعريفية واضحة أمام كل مجموعة من الطلاب توضح رأيهم أو فكرتهم التي يتناقشون فيها، أو حتى اسم المجموعة 

سيعرض المعلم مادة إعلامية وثائقية في دقيقتين تذكر الطلاب بجوانب الموضوع وتربطهم بزمن الحادث.

هنالك بعض المجسمات الدلالية فعلى يمين الفصل صور لبعض الشخصيات المشهورة وعلى اللوحة خريطة كبيرة لإحدى الدول الأوروبية، ويبدو أن تلك المجسمات والصور لها علاقة بموضوع الدرس الذي سيتحدث فيه الطلاب اليوم. 

نرى المعلم وقد جَهَّز بعض المجسمات المكتوب عليها تواريخ معينة متعلقة بهذا الحادث، ويبدو أنه سيستخدمها مثيراتٍ تواصلية؛ فيطلب من الطلاب نهاية الدرس التعليق على التاريخ من أحداث داخل الموضوع وكذلك ذكر حدثٍ شخصيٍّ متعلق بالمتحدث نفسه.

 

وهكذا نلاحظ أن عملية تهيئة المكان واستغلال الزمن تخضع لمرونة إبداعية من المعلم أو من المؤسسة تسمح للطلاب بتنفيذ كل مهاراتهم التواصلية بلا حواجز نفسية؛ كما أنَّ الأمر أيضا خاضع لعدد لا نهائي من طرائق الإبداع والتجديد والتنويع في أساليب التعليم وطرائقه، وبعض المعلمين يُحوِّل الفصل إلى مطارٍ نموذجيٍّ صغيرٍ، به مكاتب الضباط وموظفي الشحن والاستعلامات، أو قاعةٍ لمؤتمر صحفيٍّ، أو محكمة بها أدوار محدودة ...إلخ؛ ليهيئ عددًا كبيرا من الطلاب لممارسة المحادثات المختلفة في تلك الأماكن.

              

 


[1]  -   انظر الطريقة ومبادئها وأهدافها وبعض النماذج التطبيقية في كتاب أساليب ومبادئ في تدريس اللغة لديان لارسون وفريمان -ترجمة: عائشة موسى السعيد، (جامعة الملك سعود، 1998)، ص.85